تـــــــــــــــــــــــــابع
آثار الإيمان بالقدر :
وللقدر آثار كبيرة على الفرد وعلى المجتمع نجملها فيما يلي :
-1القدر من أكبر الدواعي التي تدعو إلى العمــل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة ، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ويقين .
-2ومن آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدْر نفسه ، فلا يتكبر ولا يبطر ولا يتعالى أبدًا ؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدور ، ومستقبل ما هو حادث ، ومن ثمّ يقر الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه تعالى دائمًا . وهذا من أسرار خفاء المقدور .
-3ومن آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول مكروه ، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة ، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر ، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله) : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ) [ الحديد : 22 ، 23]
4- الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات وتزرع الأحقـاد بين المؤمنين ، وذلك مثل رذيلة الحسد ، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ؛ لأنه هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك ، وهو يعلم أنه حين يحسد غيره إنما يعترض
على المقدور . وهكذا فالمؤمن يسعى لعمل الخير ، ويحب للناس ما يحــب لنفسه ، فإن وصل إلى ما يصبو إليه حمد الله وشكره على نعمه ، وإن لم يصل إلى شيء من ذلك صبر ولم يجزع ، ولم يحقد على غيره ممن نال من الفضل ما لم ينله ؛ لأن الله هو الذي يقسم الأرزاق .
5- والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد ، ويقوي فيها العزائم فتثبت في ساحات الجهاد ولا تخاف الموت ، لأنها توقن أن الآجال محدودة لا تتقدم ولا تتأخر لحظة واحدة .
-6 والإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سببًا في استقامة المسلم وخاصة في معاملته للآخرين ، فحين يقصر في حقه أحد أو يسيء إليه ، أو يرد إحسانه بالإساءة ، أو ينال من عرضه بغير حق ، تجده يعفو ويصفح ؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدر ، وهذا إنما يحسن إذا كان في حق نفسه ، إما في حق الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر ؛ لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب .
-7والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة ، فهو دائم الاستعانة بالله ، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب ، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه – تعالى – يستمد منه العون على الثبات ، ويطلب منه المزيد ، وهو أيضًا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين ، فتجده يعطف عليهم .
-8ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته ، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين ، لا يخاف في الله لومة لائم ، يبين للناس حقيقة الإيمان ويوضح لهم مقتضياته ، وواجباتهم تجاه ربهم – تبارك وتعالى - ، كما يبين لهم حقائق الكفر والشرك والنفاق ويحذرهم منها ، ويكشف الباطل وزيفه .
المؤمن و القـــدر
إن المؤمن الصادق لا يذل إلا لله ، ولا يخضع إلا له ، ولا يخاف إلا منه ، وحين يكون كذلك تجده يسلك الطريق المستقيم ، ويثبت عليه ، ويدعوا إليه ، ويصبر على ما يلقاه في سبيل الدعوة من عداء المعتدين ، وحرب الظالمين ، ومكر الماكرين ، ولا يصده شيء من ذلك ؛ لأن هؤلاء لا يملكون من أمر الحياة ولا أمر الأرزاق شيئًا ، وإذا كان الأمر هكذا
فكيف يبقي في نفس المؤمن الداعية ذرة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره ؟ ! فما قـدر سيكون ، وما لم يقدر لن يكون ، وهذا كله مرجعه إلى الله ، والعباد لا يملكون من ذلك شيئًا .
قال العلامة الشيخ محمد السفاريني في منظومته :
أفعالنــا مخلـــــــــوقة لله
لكنها كسب لنا يا لا هـي
وكل ما يفعــله العبــــــاد
من طاعة أو ضدها مراد
لربنا من غير ما اضطرار
منه لنا ، فافهم ولا تمـار
يؤمن المسلم بقضاء الله وقدره وحكمته ومشيئته ، وأنه لا يقع شيء في الوجود حتى أفعال العباد الإختيارية إلا بعد علم الله به وتقديره ، وأنه تعالى عدل في قضائه وقدره ، حكيم في تصرفه وتدبيره ، وأن حكمته تابعة لمشيئته ، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا به تعالى ، وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية :
الأدلة النقلية :
-1إخباره تعالى عن ذلك في قوله : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) وقوله عز وجل : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) وفي قوله : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) وفي قوله ): ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ) وقوله : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ( وقوله : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وفي قوله عز وجل : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ، ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) وقوله : ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) وقوله : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) وفي قوله : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) وفي قوله : ( وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (
-2إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ، ثم يكون علقةً مثل ذلك ، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله وعمله وشقيٍ أو سعيد ، فوالذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ، وفي قوله عليه السلام لعبد الله بن عباس): يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، إحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) ، وفي قوله : ( إن اول ما خلق الله تعالى القلم فقال له أُكتب ، فقال : رب ، وماذا أكتب ؟ قال : أُكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ) ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( احتج آدم وموسى ، قال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال آدم : أنت موسى اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده تلومني على أمرٍ قدره الله على قبل أن يخلقني بأربعين عاماً فحج آدم موسى ) وفي قوله عليه السلام في تعريف الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ورسله ، واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم ): إن النذر لا يرد قضاءً ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن قيس : ( يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمةً هي من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم لمن قال : ما شاء الله وشئت ( قل ما شاء الله وحده(
-3إيمان مئات الملايين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من علماء وحكماء وصالحين وغيرهم بقضاء الله تعالى وقدره ، وحكمته ومشيئته ، وأن كل شيء سبق به علمه ، وجرى به قدره ، وأنه لا يكون في ملكه إلا ما يريد ، وأن ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأن القلم جرى بمقادير كل شيء إلى قيام الساعة .
الأدلة العقلية :
-1إن العقل لا يحيل شيئاً من شأن القضاء والقدر ، والمشيئة ، والحكمة ، والإرادة ، والتدبير ، بل العقل يوجب كل ذلك ويحتمه ، لما له من مظاهر بارزة في هذا الكون .
-2الإيمان به تعالى وبقدرته يستلزم الإيمان بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته .
الخاتمة :
إذا آمن العبد بأنَّ كل ما يصيبه مكتوب ، وآمن أن الأرزاق والآجال بيد الله ، فإنه يقتحم الصعاب والأهوال بقلب ثابت وهامة مرفوعة ، وقد كان هذا الإيمان من أعظم ما دفع المجاهدين إلى الإقدام في ميدان النزال غير هيابين ولا وجلين ، وكان الواحد منهم بطلب الموت في مظانه ، ويرمى بنفسه في مضائق يظن فيها هلكته ، ثم تراه يموت على فراشه ، فيبكي أن لم يسقط في ميدان النزال شهيداً ، وهو الذي كان يقتحم الأخطار والأهوال .
وكان هذا الإيمان من أعظم ما ثُبَّت قلوب الصالحين في مواجهة الظلمة والطغاة ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، لأنهم يعلمون أن الأمر بيد الله ، وما قدر لهم سيأتيهم .
وكانوا لا يخافون من قول كلمة الحق خشية انقطاع الرزق ، فالرزق بيد الله ، وما كتبه الله من رزق لا يستطيع أحد منعه ، وما منعه الله لعبد من عبيده لا يستطيع أحد إيصاله إليه .
1) المصادر :
www.study4uae.comwww.islamdoor.com www.14masom.comwww.balagh.com كتاب القضاء والقدر لابو الوفاء محمد درويش
كتاب المصنف .
دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التربية والتعليم
منطقة العين التعليمية
مدرسة أم غافة للتعليم الثانوي للبنين
بحث بعنوان:
القضاء والقدر
تحت إشراف الأستاذ :
عمل الطالب:
الصف : الحادي عشر أدبي / ب
الفهرس:
المقدمة........................................... ...................1
الموضوع........................................... .................2-9
ويشتمل:
تعريف العلم والمشيئة والإيجاد والكتابة....................2
أنواع الأقدار........................................... .............3
صفات المؤمن بقضاء الله وقدره...............................4
آثار الإيمان بالقدر............................................ .....6
الأدلة النقلية........................................... ...........8
الأدلة العقلية........................................... ..........9
الخاتمة.................................10
المصادر................................11